براءة طفلة شديدة الذكاء
"هناء" هى طفلة صغيرة لم تتجاوز الثامنه من العمر
تتسم ملامحها بالبراءة والنقاء..فكان كل من ينظر إليها يقول
سبحان الله الخلاق
أما ذكائها فقد فاق عمرها بسنوات..فكانت تتحدث ببراءة الأطفال
وبتفكير عبقرى فى زمانه جاء
-2.gif
وفى يوم كان والد هناء يتابع بشغف إحدى نشرات الأخبار فى التلفاز
فجاءته هناء..وأرتمت بين أحضانه..لتستزيد من حنانه وتشعر
بقربه ودفئه..وأتبعها والدها بلمسه حانيه عذبه
-2.gif
وأثناء ذاك المشهد الرومانسى بين الوالد وأبنته
أعلن مذيع النشرة أن هناك
أمرأة قامت بالإنتحار بإلقاء نفسها من الطابق العاشر
ورجل آخر قام بإطلاق الرصاص على نفسه
وأم تضع لنفسها ولأطفالها السم فى الطعام
فيخِر الجميع صرعى
-2.gif
ففزعت هناء مما يدور
وقالت: لما يفعلون كل ذاك يا أبى؟
فقال الوالد:هؤلاء أناس فارقهم الأمل فى الحياة يا بُنيتى
فمنهم من دب اليأس فى قلبه لفقره وقلة ذات اليد
ومنهم من تهاون فى كرامته وتغاضى عن كبريائه
وعاش فى الهوان..فلم تحتمل نفسه المهانه والذل
فلجأ للموت
ومنهم من ضاع فى دروب الحياة وأفترسته الذئاب البشرية
فرفض العيش فريسة وآثر الموت
وجميع هؤلاء تشاركوا فى ضعف الإيمان بالله
-2.gif
وصمت الوالد قليلا ..وسرح بفكره لبرهة
ثم أفاق ونظر إلى هناء فوجدها محملقتاً به
منتظرة باقى حديثه..
فقال الوالد:كفى كلاما فى تلك الأمور يا بنيتى
فأنت مازلت صغيرة..ولن تستطيعى فهم الأمور على حقيقتها الآن
دعينا نُغير تلك النشرة..ونرى ما بباقى قنوات التلفاز
وأثناء التغيير من قناة لأخرى..وجدت هناء قناة تختص
بعالم الحيوانات
فقالت لوالدها: دع تلك القناة يا أبى
فأنا دائما أتوق شوقا لمشاهدتها
فضحك الأب وقال: إذن لنشاهدها معاً يا هناء
-2.gif
فشاهدوا غزالاً يسير بكل تفاخر وسرور..يجول فى الأركان
كأنه فلك يدور..يأكل من العشب ويمشى فى مرح..
ويلهو مع أقرانه بكل الحب
وفجأة ..هاجم الغزال فهد عتيق
فحاول الغزال الهرب بكل ما أوتى من قوة
محاولة منه فى البقاء على قيد الحياة
إلا أن قضاء المولى كان..وهجم الفهد على الغزال
وإلتهمه أبشع إلتهام
-2.gif
فقالت هناء لوالدها:هل كان يعلم ذاك الغزال يا أبى
بوجود الفهد فى نفس المكان
فقال الوالد: بالطبع كان يعلم يا هناء
فتلك غابه..ووجود الأسود والنمور بها
أمرا طبيعياً
فأرتسمت علامات الإندهاش على وجه هناء وقالت:
يالتلك الغزلان المرحة الفرحة يا أبى
يالتفاؤلها..فرغم علمها بأن أقل خطوة منها قد تودى
بحياتها..إلا أنها تسير فى طريقها بكل سعادة
ومحبة للحياة
وصمتت هناء للحظات ثم قالت لوالدها:
ألم تقل لى أن بنى البشر مميزون عن سائر
المخلوقات بالعقل؟
فتعجب الأب وقال: نعم يا بنيتى!!
فقالت هناء:إذن فلماذا كل ذاك التفاؤل ينبع من حيوان
وكل ذاك التشاؤم يصدر من إنسان؟؟
فتعجب الوالد..وأجاب على هناء..وعلامات الأندهاش المرسومه
على وجهه..تكاد تغير ملامحه ..من أسئلة تلك الطفلة
الذكية
"أعلمى يا هناء أن سر تفاؤلنا فى الحياة نابع من إيماننا بالله
فمن ضعف إيمانه وجد حياته ضاله ..هاوية
ودب اليأس والهوان فى قلبه
ومن قوى إيمانه..وجد حياته بالمحبة سارية
حتى وإن أرهقته الآلام ومتاعب الحياة"
ثم توقف الأب عن الحديث ونظر إلى هناء وقال:
أرى بأن كلامى من الصعب عليك إستيعابه
وأنت فى ذاك السن .......
وقبل أن يكمل الوالد كلماته..قاطعته هناء قائلة
لا يا أبى..فأنا أفهم جيدا ما تقول
"فلو يعلم بنى البشر أن الرزق والأقدار بيد الله
ما تاهوا فى الحياة..ولا أضلوا الطريق"
فحضن الأب أبنته بقوة..وأنهرمت من عينيه دمعه
وقال:
حماك الله يا بنيتى..ورعاك
وأنار طريقك وهداك
بقلمى
نورين